٢٩ مايو ٢٠١٥
حادثة اغرب الي الخيال تقديم الطالب بجامعة شرق النيل محمد بقاري عبدالله الي محاكمة شبه ايجازية سريعة لتوريطه بقتل طالب المؤتمر الوطني في جامعة شرق النيل في نهاية الشهر الماضي،هذه ليست المرة الاولي التي يقتل فيها طالب داخل المؤسسات التعليمية بالاخص الجامعات في الخرطوم والولايات السودانية ، في بداية هذا العام اغتيل الطالب الطيب صالح هو من نفس الجامعة التي قتل فيها كادر الحزب الحاكم الشهر الماضي ، حيث وجدت جثته علي مقربة من النيل غير ان السلطات لم تجري تحقيقاتها حتى الان سوى في مقتل الطالب الطيب صالح او في مقتل طلاب آخرين قتلوا داخل وخارج الحرم الجامعي.
و يري كثيرون ان محاولة محاكمة الطالب محمد بقاري بهذا الشكل هي خطوة في سبيل تقديمه كبش فداء، وارضاء اسرة الطالب القتيل ، وفي نفس الوقت ترهيب الاخرين ، بينما اوضح قانونيون استحالة ان محاكمة بقاري من دون وجود محامي للدفاع عنه ، لا سيما ان الدستور والقانون يكفلان الحقوق المتساوية ، وفي حالة عدم مقدرة المتهم علي احضار بمحامي ، فان الدولة عليها ات تتكفل بتوفير محامي للدفاع عنه .
الشرطة تعترض على وجود محامي للدفاع عن بقاري
كشف المحامي سمير علي مكين المدافع الحقوقي اثناء تواجده بمحكمة جنايات بحري وسط ان شاباً تم اقتياده الى محكمة في حالة من الاعياء والاجهاد وكدمات واضحة متفرقة ـ وتعرف على ان البلاغ الموجه ضده خطير تحت المادة (130) من القانون الجنائي القتل العمد،واوضح بيان هيئة محامي دارفور من دون وجود من يترافع عن الطالب محمد بقاري عبدالله ،والتمس المحامي من المحكمة السماح له بعد موافقة الشاب المتهم، وقبلت المحكمة واعترضت شرطة المباحث الجنائية بحري ، واضاف البيان ان ( المادة 6/34 من الدستور الانتقالي لسنة 2005 نصت بأن يكون للمتهم الحق في الدفاع عن نفسه شخصيا او بواسطة محام يختاره وله الحق في ان توفر له الدولة المساعدة القانونية عندما يكون غير قادر للدفاع عن نفسه في الجرائم بالغة الخطورة، ونصت المادة 3/27 من الدستور نفسه باعتبار كافة الحقوق المتضمنة في الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الانسان التي صادق عليها السودان،هي جزء لا يتجزأ من وثيقة الحقوق الواردة في الدستور المذكور) .
وفي المؤتمر الصحفي لتجمع طلاب روابط دارفور في دار حزب الامة القومي الثلاثاء الماضي كشف فيه الطلاب عن تعامل الاجهزة الامنية مع الطالب المعتقل محمد بقاري الذي اعتقل بواسطة جهاز الامن منذ يوم الرابع من شهر مايو ، واوضحوا ان بقاري تجري محاكمته باتهام زائف بمقتل الطالب محمد عوض في محاولة من النظام للحكم عليه بالاعدام وانتقاما منه لوقوفه مع قضايا الشعب السوداني،واشار الي انهم ضد مقتل الي طالب.
الدولة ملزمة بتوفير محامي للدفاع عن المتهم
ويقول المحامي والناشط الحقوقي الاستاذ/عبدالمنعم محمد ان محكمة الطالب مخالفة لمواثيق حقوق الانسان، وان قضية الطالب بقاري يطلق عليها المحاكم الايجازية دون ان تلتزم المحكمة بحق الدفاع والشهود، ويضيف لـ(عاين) ان هذه المحاكم الايجازية كانت تحاكم به بائعات الخمور والشاي، ويشير الى ان قوانين النظام العام شكلت مثل هذه المحاكم الايجازية،لان احكامها بسيطة يجوز فيها ذلك ، ويقول ان جرائم القتل والجرائم الموجهة ضد الدولة،وقضايا الاسرة مستحيل ان تكون ايجازية،لانها تأخذ فترات في قاعات المحاكم ، واكد ان الدولة ملزمة بتوفير محامي للدفاع عن المتهم في حال فشله في احضار من ينوب للدفاع عنه، ويقول ان المادة (130) تخص جريمة القتل العمد وعقوبتها الاعدام،واشار الي ان الشرطة الجنائية ليس لها دخل بالقضية،لانها انتقلت من يد الشرطة الي قاعات المحاكم.
ويكشف صديق مقرب من الطالب بقاري انه يدرس جامعة شرق النيل قسم الادارة المستوي الثاني وانه كان يسكن مع اشقاءه في ام درمان الثورة وان اسرته الكبيرة في اقليم دارفور، وحول قضية الطالب محمد بقاري عبدالله المقدم الى المحاكمة في محكمة جنايات بحري،يقول لـ(عاين) ان مجموعة مسلحة اعتقلت بقاري من منزله في حي الثورة بام درمان بعد اسبوعين من مقتل طالب في الحركة الاسلامية في جامعة شرق النيل، ويضيف ان الجهة التي اعتقلته قادته الى جهة غير معلومة وان اسرة وزملاء بقاري كانوا قلقين ، ونفي الصديق المقرب للطالب بقاري القيام باي مبادرة ومناشدة في قضيته ، وذلك خوفا من الاعتقالات والاستهداف الذي طال عدد من طلاب وطالبات من اقليم دارفور وصل حتي الولاية الشمالية في مدينة دنقلا، ويشير الى ان كل من يفكر ان يقوم بمبادرة سيتم اعتقاله ، ويقول ( اعتقد لا وجود لدلائل تشير الي ان بقاري هو من قتل طالب حزب المؤتمر الوطني ) ، مناشداً المنظمات الحقوقية ان تقوم بمساعدة وتقديم العون القانوني لبقاري .
ويقول المحامي والمدافع القانوني عن حقوق الانسان الاستاذ وجدي صالح لـ(عاين) ان اللجنة القومية للدفاع عن طلاب دارفور تضم قانونيون اطباء ، واوضح ان اللجنة القانونية تقوم بمتابعة احوال المعتقلين والقيام بالدفاع عن الطلاب، واكد وجدي وجود مجموعة للدفاع عن الطالب بعد اكتمال التحريات.
محاكمة بقاري لاسرة القتيل
الحكومة تنظر الي ابناء وبنات دارفور علي انهم مهدد امني في العاصمة الخرطوم ، وسبق ان قال احد قيادات الشرطة في العام 2009 ان قبول اكثر من 5 الف طالب تهديد للامن في الخرطوم ، ويقول عبدالرحمن دقيس العضو السابق في رابطة طلاب دارفور في جامعة الخرطوم ل(عاين) ان استهداف الطلاب والطالبات بدأ منذ اندلاع الثورة عام 2003 ، وان شقيق الطالب محمد بقاري المتهم بقتل طالب الحزب الحاكم استهدفته الاجهزة الامنية في احدي مساكن الجامعة والقت به من احدى الطوابق ، واصيب بجروح خطيرة جدا كادت ان تودي بحياته ، ويضيف ان خطوة المحاكمة لبقاري في اطار قيادة خط انفصالي لدارفور، ويقول ان النظام لن يستطيع ان يقوم بذلك كما فعل مع جنوب السودان، وكل المؤشرات تشير ان حوادث القتل والطرد من الداخليات تتم بصورة انتقائية واخرها اخلاء داخلية البركس للطالبات بالقوة، وكشف عن ان شقيقته سلمي دقيس كانت من الطالبات المعتقلات من داخلية البركس الاخيرة ،وهي خطوات من اجل جعل ابناء وبنات الاقليم ان يفكروا في الانفصال كما حدث لجنوب السودان، ويشير الى ان مقتل طالب الحزب الحاكم في جامعة شرق النيل هو تصفية من داخل الحزب نفسه ،وما اعقبه من استهداف مؤسسي عنصري كان في السابق ذات دوافع سياسية ، ويقول ان الحكومة تسعى الى اجراء محاكمة الطالب بقاري لارضاء اسرة الطالب القتيل فقط ، وبقاري ليس جزءا من الحدث اطلاقا ، ويرى ان السابقة خطيرة جداً ، مناشداً المنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الانسان بالوقوف مع الطالب محمد بقاري ، محذراً النظام من تقديم بقاري كقربان طالب الحزب الحاكم القتيل .
هؤلاء طلاب لا علاقة لهم بالحركات المسلحة
في ذات السياق يوضح المحامي عيسي كمبل ان قضية الطالب محمد بقاري المتهم بجريمة القتل تحت المادة (130) ان محاكمته لن تستمر من دون ان يكون له محامي للدفاع عنه، ويقول لـ(عاين) ان مثل هذه المحاكمة مخالفة للدستور والقانون، ويضيف (لا يمكن ان تستمر محاكمة معروف ان عقوبتها تصل الاعدام او القطع والمؤبد ) ، وكشف عن ان المحكمة الدستورية ستوف تلغي احكام هذه المحكمة ، واصفاً ما يحدث لطلاب دارفور انها حملة شرسة يقودها جهاز امن النظام الذي يتهم طلاب الاقليم بالانتماء الي الحركات المسلحة ، ويقول ( وعلي ذلك تتم ملاحقتهم رغم ان هؤلاء طلاباً داخل المؤسسات التعليمية ولا يوجد تفسير لذلك الا انه استهداف اثني وعنصري وجهوي ) ، ويؤكد ان المحامين قرروا تكوين هيئة دفاع كبيرة عن طلاب دارفور،ومشيرا الي ان المادة (130) يجب ان يكون مع المتهم محامي .